تحديات تصميم وتطوير تطبيقات الإنتاجية على الأجهزة القابلة للطي

FERAS
فراس وليد
مدون وكاتب مقالات تقنية

في عالم التكنولوجيا المتغير بسرعة، برزت الأجهزة القابلة للطي (Foldable Devices) كتقنية ثورية تمزج بين راحة الهاتف الذكي ومساحة العرض الواسعة للجهاز اللوحي. بفضل شاشاتها المرنة وأوضاع الطي المتعددة، تفتح هذه الأجهزة آفاقاً جديدة في تطوير التطبيقات. ومع نمو شحنات الأجهزة القابلة للطي لتصل إلى 25 مليون جهاز في 2024 بحسب IDC، يصبح دعم هذه الأجهزة ضرورة استراتيجية وليس خياراً.
لكن مع كل فرصة جديدة، تأتي تحديات معقدة تتطلب من المطورين إعادة التفكير في أسس تصميم التطبيقات وبرمجة التطبيقات. هذا المقال يستعرض أبرز هذه التحديات ويقدم حلولاً عملية مدعومة بأمثلة حقيقية.

تحديات تصميم الواجهات المتكيفة مع الشاشات القابلة للطي
واحدة من أهم خصائص الأجهزة القابلة للطي هي مرونتها في تغيير حجم ونسبة عرض الشاشة. هذا التغيير الفوري يفرض على المطورين بناء واجهات تفاعلية Adaptive UI قادرة على التكيف بسلاسة مع الانتقالات بين الأوضاع.

عند استخدام جهاز مثل Galaxy Z Fold، يتطلب التطبيق تصميمين رئيسيين:

  • تصميم مدمج لشاشة الغلاف الصغيرة يعرض العناصر الأساسية فقط.
  • تصميم موسع لشاشة الداخل الكبيرة يستغل المساحة الإضافية لعرض محتوى غني.

على سبيل المثال، تطبيق البريد الإلكتروني Outlook عندما يُعرض على الشاشة الكبيرة، يُظهر قائمة الرسائل على اليسار ومحتوى البريد على اليمين، مما يضفي طابعاً مكتبياً على الهاتف المحمول.
لبناء مثل هذه الواجهات الديناميكية، يُنصح باستخدام مكتبات مثل Jetpack Compose مع مكونات مثل BoxWithConstraints لضبط ترتيب العناصر تلقائياً حسب المساحة المتاحة.

أهمية تقسيم المحتوى الذكي
لا يكفي فقط جعل الواجهة قابلة للتمدد والانكماش؛ بل يجب التفكير بمنطقية في كيفية توزيع المحتوى. مثلاً، على الشاشة الكبيرة، يُفضل تجميع الوظائف المتقاربة معاً بدلاً من تكرار نفس التخطيط الموسع بلا فائدة.

تطبيق Samsung Notes يُعدّ مثالاً رائعاً هنا؛ فهو لا يعرض مجرد قائمة ملاحظات ممتدة، بل يوزع القوائم، أدوات التحرير، ومحتوى الملاحظة عبر مساحات مخصصة بذكاء لتعظيم الإنتاجية.

مراعاة أوضاع الطي المختلفة (كامل، نصف طي، أفقي وعمودي)
تصميم التطبيقات للأجهزة القابلة للطي يتطلب فهمًا دقيقًا لكيفية عمل أوضاع الطي المختلفة، والتي تشمل:

  • الوضع الكامل (Fully Opened): حيث تكون الشاشة بمساحة قصوى.
  • وضع الطي الكامل (Fully Folded): حيث يتم استخدام شاشة غلاف صغيرة.
  • الوضع الجزئي (Half-Opened / Flex Mode): حيث يصبح الجهاز أشبه بحاسب محمول صغير.

في الوضع Flex Mode، ينقسم الجهاز إلى نصفين: شاشة علوية قائمة، وشاشة سفلية مستوية.
تطبيق Google Duo يوضح مثالًا بارعًا: يعرض فيديو المكالمة في النصف العلوي، وأزرار التحكم (كإنهاء المكالمة أو كتم الصوت) في النصف السفلي، مما يسهّل استخدام الجهاز دون حمله باليدين.

التحديات التقنية في التعامل مع منطقة المفصل
يجب على المطورين تفادي وضع أزرار تفاعلية أو نصوص أساسية عبر منطقة المفصل، إذ قد تكون غير مريحة للمس أو القراءة. لذا يُفضل تصميم التخطيطات بطريقة تنقل العناصر بعيداً عن الخط الفاصل، خاصةً في الأجهزة ذات المفصل الواضح مثل Microsoft Surface Duo.

الاستفادة من مكتبات دعم الأجهزة القابلة للطي
قدمت Google مكتبة Jetpack WindowManager خصيصًا لتبسيط التعامل مع الأجهزة القابلة للطي. هذه المكتبة تمثل درعًا تقنياً يخفف عن المطورين عبء كتابة شيفرة مخصصة لكل جهاز.

وظائف رئيسية لهذه المكتبة:

  • الكشف عن وجود المفاصل (Hinges) والشقوق (Separators).
  • تحديد حالة الطي: مفتوح، مطوي جزئيًا، مغلق.
  • توفير أبعاد كل جزء من الشاشة عند وجود مفصل.
  • دعم الأجهزة ذات شاشتين منفصلتين وليس فقط شاشة واحدة قابلة للطي.

مثلاً، يمكن لتطبيق يستخدم WindowLayoutInfo أن يعرض شريط أدوات منفصل عن المحتوى في حالة وجود فاصل، مما يجعل تجربة الاستخدام أكثر طبيعية.

تحقيق استمرارية التجربة عبر الشاشات والتحولات
لا شيء يزعج المستخدم أكثر من فقدان التقدم في تطبيقه عند مجرد طي أو فرد الجهاز.

هنا تظهر أهمية مفهوم App Continuity. يجب أن يحافظ التطبيق على:

  • الموقع الحالي داخل المحتوى (مثل موقع التمرير).
  • بيانات النماذج التي كان المستخدم يملؤها.
  • حالة الإدخال النصي ولوحة المفاتيح المفتوحة.

لحل هذه التحديات، ينصح باستخدام:

  • ViewModels للاحتفاظ بالحالة عبر إعادة الإنشاء.
  • دالة onSaveInstanceState لتخزين الحالة واستعادتها.
  • التعامل مع تغييرات التكوين (configChanges) يدوياً عند الضرورة.

مثال عملي: تطبيق Samsung Stopwatch يبقي العداد يعمل بسلاسة عند فتح أو غلق الجهاز، مما يعطي إحساساً بالموثوقية العالية.

تحسين أداء التطبيقات على الشاشات عالية التحديث
الأجهزة الحديثة مثل Galaxy Z Fold5 أو Pixel Fold تأتي بشاشات AMOLED بدقة 120Hz. هذا يعني أن أي بطء أو انخفاض معدل الإطارات (FPS) يصبح مكشوفاً للغاية.

لضمان أداء ممتاز، ينبغي:

  • التحميل الكسول (Lazy Loading) للصور والبيانات الضخمة.
  • استخدام Background Threads لمعالجة قواعد البيانات أو الحسابات الثقيلة.
  • تفعيل خاصية View Recycling عبر RecyclerView أو قوائم Jetpack Compose.
  • اختبار الأداء في وضعيات متعددة: شاشة كاملة، نصف شاشة، تقسيم مع تطبيق آخر.

مثال: عند تشغيل Outlook بجانب Teams في وضع الشاشة المقسمة، يجب أن يحافظ كلا التطبيقين على سلاسة التمرير والنقر بدون تأخير ملحوظ.

زيادة الكفاءة في استخدام البطارية
الشاشات الكبيرة ومعدلات التحديث المرتفعة تستنزف البطارية بسرعة. لذلك يجب تحسين استهلاك الطاقة عبر:

  • إيقاف التحديثات المتكررة عندما يكون التطبيق بالخلفية.
  • تقليل الرسوم المتحركة غير الضرورية عند تقليص التطبيق في وضع تقسيم الشاشة.
  • استخدام مكونات Compose أو ViewModel LifecycleAware لتقليل الحمل أثناء الخمول.

دراسة أمثلة ناجحة: تطبيقات إنتاجية رائدة على الأجهزة القابلة للطي

  • Outlook وTeams: يدعمان شاشات قابلة للطي بتخطيطات ثنائية اللوحات، مما يسهل العمل متعدد المهام.
  • Google Docs وSheets: تم تحديثها لدعم Material 3، مع تحسين شريط الأدوات للاستفادة من الشاشات الكبيرة.
  • Samsung Notes: يستغل وضع Flex Mode عبر عرض أدوات تحرير في النصف السفلي ومحتوى الكتابة في النصف العلوي.

كل هذه الأمثلة تؤكد أن دعم الأجهزة القابلة للطي يعزز تجربة المستخدم ويزيد من تفاعل التطبيق.

أثر انتشار الأجهزة القابلة للطي على مستقبل برمجة التطبيقات
بحسب تقرير IDC، ستتضاعف شحنات الهواتف القابلة للطي عدة مرات بحلول 2027.

هذا يدفعنا إلى رؤية أوضح:

  • تجاهل الأجهزة القابلة للطي = خطر خسارة شريحة المستخدمين المتقدمين.
  • دعم الأجهزة القابلة للطي = ميزة تنافسية وقيمة مضافة للتطبيق.

ليس هذا فحسب، بل قد نشهد ظهور أجهزة بثلاث شاشات أو طيات متعددة، مما يفتح آفاقاً جديدة في تصميم التطبيقات وبرمجة التطبيقات المستقبلية.

توصيات رسمية من Google وSamsung لتحسين تجربة المستخدم
إليك ملخصاً لأهم النصائح:

  • تبنّي التخطيطات المرنة Responsive/Adaptive باستخدام WindowSizeClasses.
  • استخدام مكتبة Jetpack WindowManager لاكتشاف أوضاع الطي والمفاصل.
  • دعم خاصية App Continuity لضمان تجربة غير منقطعة.
  • تحسين الأداء عند تقسيم الشاشة أو تغيير حجم النافذة.
  • اختبار التطبيق على محاكيات وأجهزة فعلية مثل Samsung Remote Test Lab.

اتباع هذه التوصيات يعني أن تطبيقك سيكون مستعدًا لمستقبل الأجهزة القابلة للطي بكفاءة وأناقة.

في الختام
في زمن تتغير فيه أشكال الأجهزة المحمولة باستمرار، يمثل دعم الأجهزة القابلة للطي حجر الزاوية الجديد في تطوير التطبيقات.
الفرصة أمامنا هائلة: يمكننا إعادة ابتكار طريقة تفاعل المستخدم مع تطبيقات الإنتاجية عبر استغلال الشاشة المتغيرة بذكاء. ومع التصميم المتكيّف، الأداء العالي، والالتزام بالاستمرارية السلسة، يمكننا بناء تجارب استخدام لا تُنسى على هذه الأجهزة الثورية.
تذكر، عصر الأجهزة القابلة للطي قد بدأ بالفعل — والتطبيقات الذكية فقط هي التي ستنطوي مع هذا التحول وتسطع في عالم التقنية الجديد.

المراجع

  1. SPEC INDIA – How to Design Mobile Apps for Foldable and Dual-Screen Devices
  2. Android Developers Blog – Jetpack WindowManager 1.4 is stable
  3. Android Developers – Learn about foldables
  4. Samsung Developer Blog – Adapt Your App to Foldable Devices for an Optimal UX
  5. Samsung OneUI Design Guidelines – Designing for Foldables
  6. Alphaklick Blog – Optimize App for Foldable Devices: A Developer’s Guide
  7. Android Developers – Device Profiles: Microsoft apps on foldables (Dev Story)
  8. ZDNet – How Office, Teams and Outlook work on Samsung’s foldables
  9. Times of India – Google Docs, Sheets, Slides design for foldables
  10. IDC Press Release – Worldwide Foldable Phone Forecast 2024–2028

أعمال نتشرف بها

    خطوات سهلة لتبدأ طلبك الآن

    فقط قم بتعبئة البيانات التالية وسنكون على تواصل